الخوف من فوات الفرصة أو ما يطلق عليه اختصاراً “الفومو FOMO” هو شعور عام لا يقتصر على الاستثمار فقط. ويصف قلق الإنسان من تفويت أمر ما يستمتع به غيره سواء كان التواجد في مكان جميل أو المرور بتجربة مثيرة أو حتى لقاء بعض الأصدقاء ومتابعة ما يحدث على السوشيال ميديا.
والخوف في عالم الاستثمار لا يقتصر على وصف الشخص الذي يخشى خسارة أمواله. فهناك شعور آخر يتعلق بالخوف أيضاً لكنه على النقيض تماماً من الأول وهو الخوف من فقدان فرصة الربح.
الخوف والطمع هما العاملان المؤثران في قرارات الاستثمار. الأول يتعلق بالقلق من خسارة الأموال، والثاني يتمثل في السعي لتحقيق مزيد من المكاسب لكنه في الحقيقة نوع آخر من الخوف.
يخشى الإنسان من تفويت فرصة لشيء جيد يمر به الآخرون. وهو ما يدفعه للقلق والتوتر ثم السعي لملاحقة ما يعتبره “فرصة قد لا تتكرر”. خوفاً من الشعور بالندم لاحقاً على عدم الحصول على ما أسعد من حوله.
نبذة عن الفومو FOMO
مصطلح “FOMO” ليس جديدا. فأول من كتب عنه هو الدكتور “دان هيرمان” في مجال التسويق الاستراتيجي سنة 1996. حيث لاحظ هذه الحالة أثناء استماعه إلى المستهلكين ومناقشتهم حول المنتجات الشرائية. حيث أظهروا خوفهم من تفويت فرصة شراء منتج جديد، ومدى فرحتهم عند اغتنامهم هذه الفرصة.
بعد ذلك كتب عنه رجل الأعمال “باتريك ماكجينيس Patrick J. McGinnis ” عام 2004 وهو الذي صاغ مصطلح FOMO في مقال نشره في مجلة هاربوس التابعة لكلية هارفرد للأعمال. وانتشر هذا المصطلح أكثر مع التقدم التكنولوجي الهائل وتطور مواقع التواصل الاجتماعي مثل Facebook وInstagram، نظرا لأن هذه المواقع أصبحت منبعا ومصدرا لآخر المستجدات والأحداث والأخبار المحلية والعالمية، والتظاهرات المختلفة في مختلف بقاع هذا العالم.
وتعتبر هذه الحالة إدمانا سلوكيا تفصلنا عن الواقع لنعيش في واقع افتراضي موازي له، فنهمل حياتنا، ونترك أهدافنا، وننسى أنفسنا، ونشتت أسرتنا. ونهتم وننشغل بهذا الشعور حيث يتملكنا شعور بأن هناك شيئا أكثر إثارة فاتنا يحدث بعيدا عنا. شعور دائم بالقلق والتوتر بأن حياة الآخرين دائما هي أكثر أهمية وإثارة من حياتنا، ذلك لأنهم يخوضون تجارب جديدة دون أن نتواجد فيها ونعيشها معهم، وكل هذا يأتي من الشعور بعقدة النقص ومقارنة حياتك بحياة الآخرين.
وقد نتساءل: ما المشكلة في أن نتتبع أخبار أصدقائنا وأحداث العالم الذي نعيش فيه حتى نواكب عصرنا الحالي؟ المشكلة هنا هي الإفراط في الاستعمال والمبالغة في الفضول. عدم التحكم في وقتنا ومن ثم نفقد السيطرة على حياتنا والقدرة على الاستمتاع بأي شيء جميل في حياتنا الطبيعية. فالعالم الافتراضي عالم كلما شربت منه ازددت منه عطشا
ففي هذه المقالة سنتحدث عن FOMO بشكل تفصيلي واوضح فهيا بنا نبدأ…
ما معنى فومو FOMO؟
يعني مصطلح FOMO إلى “الخوف من ضياع شيء ما”. وللتوضيح أكثر: تعني «الخوف من أن يفوتك شيء يحدث في المجتمع من حولك، وبشكل خاص على شبكات التواصل الاجتماعي».
وقد سُجل المصطلح في أكسفورد عام 2006 ويرجع إلى الشعور الذي يحس به الناس عندما يسمعون بأن قيمة أحد الأصول الرقمية قد ارتفعت على سبيل المثال. كما أنهم لم يشتروا قبل حدوث القفزة في السعر. وما يحدث لاحقاً في العادة هو أنهم يترددون في الاشتراك بالصفقة ولا يستطيعون اتخاذ قرار حاسم حولها.
ففي كل دقيقة يضيعونها في التفكير يرتفع خلالها تقييم الأصول أكثر فأكثر. مما يؤدي إلى زيادة فومو لديهم بشكل أكبر، إلى أن يصلوا إلى المرحلة التي يتولى فيها ذلك الخوف (فومو) زمام الأمور. فيقومون أخيراً بشراء العملات الرقمية، ولكن بعد إضاعتهم لمعظم الأرباح.
لماذا يعد فوموFOMO ذو تأثير كبير؟!
عندما تريد ان تأخذ قرار معين حول استثمارك فإن العواطف والمعتقدات والحماسة والاندفاع ستلعبُ دوراً هاماً في التأثير على قراراتك، تماماً كما تؤثر الخطط والاستراتيجيات المدروسة عليها أيضاً، إلا أن الفارق يكمن في أن الاستراتيجيات والخطط لا تتأثر بالفومو كما هو الحال بالنسبة للعوامل الشخصية وسيكولوجية التداول كالعواطف والمعتقدات وغيرها.
ولهذا السبب، وبفضل حقيقة أن لفومو تأثيرٌ سلبي على أداء التداول في معظم الأوقات؛ فإن تعلم كيفية التعامل معه هو أمرٌ حيوي وهام للغاية لكي تصبح قادراً على الاستثمار مع العملات الرقمية بنجاح.
كيف تقاوم الفومو FOMO؟
مقاومة الشعور بالفومو والتغلب عليه هو أمر بالغ الأهمية بالنسبة للمستثمرين، ويمكن تلخيص الحل في ثلاث كلمات:
الأهداف، الانضباط وتصفية العقل. وبعبارة أخرى فإنك ستهزم الفومو في كل مرة تضع فيها أهدافاً مالية واضحة وقوية لنفسك. وتلتزم بتحقيقها مهما حدث، وتحافظ على هدوئك حتى عند أكثر ارتفاعات الأسعار. وهذا لا يعني أنه لا يمكنك المشاركة بالصفقات؛ بل يعني فقط أن تتخطى الشعور بالتردد وتلتزم بقرارك؛ فإما أن تدخل مبكراً أو لا تشارك أبداً. فلتجرب الامتنان أولًا، ركز على حياتك وانتبه إلى كل الأشياء الإيجابية الجيدة التي لديك. واتبع JOMO
ثانياً، عليك الابتعاد عن وسائل التواصل الاجتماعي وتقليل عدد الساعات التي تقضيها على تطبيقاتها بالتدريج، فإنك كلما تصفحت هذه المواقع أكثر، كلما استمريت في مقارنة نفسك بالآخرين
وثالثاً، قم بتذكير نفسك طوال الوقت أن الصورة التي يعرضها الأشخاص على وسائل التواصل الاجتماعي ليست بالضرورة صادقة أو تمثل الحقيقة.
ورابعاً، عليك ترتيب أولوياتك وأن تتعود على قول “لا” لبعض الدعوات، ليس عليك أن تشارك في جميع الأحداث والحفلات
ضع في اعتبارك ما يلي عند مواجهة الفومو!
عندما تشعر بالفزع عند التداول؛ فلنفترض أنك اشتريت 100 بيتكوين BTC عندما كان سعرها 1 دولاراً تقريباً في عام 2010. ومن ثم ارتفع سعرها في وقت لاحق من ذلك الشهر إلى 10 دولارات للعملة الواحدة. مما حوّل استثمارك البالغ 100 دولار ٍإلى 1000 دولار خلال 30 يوماً فقط.
والآن دعني أطرح عليكَ سؤالاً هاماً في تلك الحالة: هل كنت ستبيع كل عملاتك برضا وسعادة لتذهب في إجازة فاخرة؟ أم أنكَ ستفكر بالاحتفاظ بها والانتظار لأن قيمة تلك العملات ستصبح 60 ألف دولار في يوم ما؟. ولنكون صادقين فإن معظمنا سيذهب مع الخيار الأول ويبيعها على الأغلب. وذلك يعني بأنكَ حتى لو شاركت في التداول مبكراً فلن تمتلك اليوم أي عملات BTC.
وفي النهاية علينا أن نذكرك بأن فومو FOMO هو شعور قوي للغاية يحاول التأثير حتى على أكثر المحترفين وذوي الخبرة في صناعة الاستثمار. ولكن، إذا تمكنت من الالتزام بتحقيق أهدافك الموضوعية وفق آرائك واستراتيجياتك، وفكرت في نتائج مشاركتك المبكرة في التداول. فسيصبح FOMO شيئاً من الماضي بالنسبة لك خلال فترة قصيرة.
الأمر الأخير، هو أن تبدل شعور الـ FOMO بشعور الـ JOMO والتي تعني the joy of missing out بمعنى أن فرحة توفيت الأحداث، ستجعلك أفضل بكثير.