يحدث الركود الاقتصادي في حالة تراجع الطلب في الاقتصاد بشدة مقابل المعروض من السلع والخدمات. وغالباً ما يكون ذلك نتيجة ارتفاع معدلات التضخم بشكل كبير. وبالتالي تقوم البنوك المركزية برفع أسعار الفائدة في محاولة تقليل التضخم. وهذا ما يضغط على الطلب نزولاً، وفي الوقت نفسه يحد من النشاط الإنتاجي. ففي هذه المقاله سوف نتحدث عن الركود الاقتصادي بكل ما فيه من تفاصيل.
ما هو الركود الاقتصادي؟
الركود الاقتصادي هو أزمة اقتصاديّة، تحدث غالبا عند انخفاض المؤشرات الاقتصاديّة بشكل كبير لمدة زمنيّة متواصلة على الأقل لستة أشهر. حيث تشتمل هذه المؤشرات الاقتصاديّة على خمسة أشياء هي الدخل، العمالة، التصنيع، مبيعات التجزئة وإجمالي الناتج المحلي.
إذ لا يمكن تحديده بناءً على انخفاض إجمالي الناتج المحلي فقط، نظراً لأنه من الممكن أن يبدأ بهدوء قبل تحديد وجود العوامل الأربعة الأخرى. حيث إنه غالباً ما يمتد لفترة قصيرة نسبياً بين 9 و18 شهراً مقارنةً مع المدة الطويلة لتأثيره.
أسباب الركود الاقتصادي
هناك العديد من أسباب الركود الاقتصادي. بعضها ناجم عن الحروب وبعضها عن طريق سياسات الحكومة. وبصفة عامة، فإن الركود الاقتصادي ناجم عن اختلال في الاقتصاد والذي يحتاج إلى تصحيح فهيا بنا نتعرف على الأسباب.
- ارتفاع معدلات الفائدة والأسعار، مما يقلل من القدرة الشرائيّة.
- انهيار البورصة وسوق الأسهم، كنتيجة لفقدان الثقة.
- انخفاض مبيعات المساكن وانخفاض أسعارها، مما يؤدي للتقليل من قيمتها.
- التباطؤ في طلبات التصنيع.
- إزالة القيود المفروضة على نسب القروض.
- خفض الأجور، مما يدفع لتسريح العمال.
- الركود الذي يتبع الحروب.
- ارتفاع قيمة أسعار أسهم الإنترنت، أو أسهم المنازل بشكل يفوق المعتاد.
- انتظار الناس انخفاض الأسعار للبدء بالشراء.
هناك فرق بين اثار الركود الاقتصادي في العموم واثار الركود الاقتصادي في سوق الاسهم
1- آثار الركود الاقتصادي
على الرغم من الفتره القصيره للركود الاقتصادي الا ان اثاره تعتبر مدمّرة. ومن أكثر الآثار المؤثّرة على المدى البعيد هى:
- كثرة البطالة بشكل كبير جداً
- الضرر الحاصل على الأسر من ناحية القدرة على الادخار، أو حتى التمتع بمستوى معيشة مناسب. نظراً لما يخلّفه من انخفاض في مستوى المعيشة، وانخفاض مستويات الصحّة والرفاهيّة للأفراد
- الضرر الحاصل للمؤسسات والشركات، وخاصّة الشركات الصغيرة، ويظهر هذا في انخفاض معدلات التدفّق النقدي لها، وفقدان العملاء، والمستهلكين، وانخفاض الطلب على منتجاتها وخدماتها، إضافةً للانحدار الكبير في ميزانيتها، والذي يؤدي لتسريح العمال والموظفين
آثار الركود الاقتصادي على سوق الأسهم؟
من المهم الإشارة إلى أن سوق الأسهم ليس مؤشراً على الركود الاقتصادي. وذلك لأن سوق الأسهم يمثل وجهات نظر المستثمرين حول الأرباح المستقبلية للشركات المدرجة في البورصة، وليس حالة الاقتصاد.
ورغم ذلك في حالة الركود الاقتصادي فإن المستهلك عادة ما ينفق أقل. مما يمكن أن يؤدي إلى خفض الوظائف، والتي يمكن أن تؤثر على الربحية أو الأرباح المستقبلية للشركة. هذا هو السبب في وجود تداخل بين الركود الاقتصادي و انهيار سوق الاسهم
علاقة الركود الاقتصادى بحركة الأسواق؟
بالنسبة إلى الأسواق، هناك اتفاق عام بين المستثمرين ومحلليه على أن هبوط مؤشر أسهم ما بمعدل يصل إلى نسبة 20 في المئة تقريباً في فترة قصيرة يعني “انهيار السوق” أي ركودها. بمعنى أن عمليات البيع للأسهم تزيد على عمليات الشراء. وتظل السوق في ركود حتى تبدأ عمليات الشراء تزيد على البيع وترتفع مؤشرات الأسهم مرة اخرى وغالباً لا يأخذ ذلك وقتاً طويلاً. بحسب الظروف العامة لاقتصاد تلك السوق من نمو النشاط الاقتصادي واستقرار أسعار الفائدة وغيرهما من العوامل.
وإذا كان الهبوط في مؤشرات الأسواق ليس كبيراً نسبياً ولا لفترة طويلة فهو عملية “تصحيح”. أما الهبوط الكبير في مؤشرات الأسواق، الذي يوصف بتعبير “انهيار” أي “ركود”، فهو يتكرر تقريباً بالشكل ذاته الذي يتكرر به الركود الاقتصادي.
ويعتبر ركود السوق مؤشراً إلى دخول الاقتصاد بشكل عام في ركود. وعلى رغم الارتباط في معظم الأحيان بين انهيار السوق وركود الاقتصاد، فإن الاقتصاد يدخل في الركود نتيجة عوامل أخرى كثيرة تضعف الطلب والنشاط في مختلف القطاعات. كما أن دورة الهبوط والارتفاع في الأسواق تتكرر بشكل أسرع مما يحدث للاقتصاد، وليس بالضرورة أنه مع عودة الاقتصاد للانتعاش تتحرك السوق في الاتجاه ذاته.
كم يستمر الركود الإقتصادي؟
أن معظم فترات الركود الاقتصادي في أكبر اقتصاد في العالم – الولايات المتحدة، في معظم الحالات، ليست طويلة جداً. إذا نظرنا إلى الدورات الاقتصادية العشر الأخيرة منذ عام 1950، يمكننا أن نرى أن الركود الاقتصادي استمر من 8 إلى 18 شهراً، ومتوسط مدته هو 11 شهراً.
كيف تستعد للركود الاقتصادي المقبل:
- تنويع محفظة الأسهم الخاصة بك عن طريق تنويع القطاعات
- بيع عقود مؤشرات الأسهم
- شراء عقود فروقات الذهب
ما أفضل السبل لمواجهة الركود؟
صحيح أنه في أوقات الاضطراب الاقتصادي وتراجع الثقة، مثلما في حال الركود. يتبع الناس الحكمة التقليدية بأن “النقد ملك”، أي يحتفظون بما لديهم في شكل سيولة نقدية “كاش”.
لكن من المناسب اتباع المثل التقليدي “لا تضع البيض كله في سلة واحدة”. والفرد والأسر التي تعتمد، على المدى الطويل، تنويع مصادر دخلها ومنافذ استثمار ثرواتها القليلة، تكون في وضع أفضل لمواجهة فترة الركود والخروج منها من دون أضرار كبيرة.
بالنسبة إلى الدول تحتاج إلى تغيير السياسات الاقتصادية والمالية والتنسيق مع البنوك المركزية للتوازن بين جهد مكافحة التضخم عن طريق:
- رفع أسعار الفائدة وعدم الإضرار أكثر بفرص النمو الاقتصادي، كما أن الدول التي تنجح في ترشيد سياستها التقشفية بما لا يضر بفرص الاستثمار العام لتنشيط الاقتصاد تكون في وضع أفضل للخروج من الركود بسرعة ومعاودة اقتصادها النمو،
- وجود قطاع خاص قوي ومسؤول يحتاج إلى إجراءات استثنائية من الحكومة بتغيير بعض السياسات لتشجيعه على زيادة النشاط.
- بالنسبة إلى الأسر والأفراد فمن المهم الموازنة بين الإنفاق والادخار، لأن زيادة الادخار تعني تقليص ثروة الفرد والأسرة على المدى البعيد، بخاصة عندما ينشط الاقتصاد وتنخفض أسعار الفائدة ويكون معدل التضخم قد أدى إلى تآكل قيمة المدخرات.
طرق تعامل الحكومه مع الركود الإقتصادي
- تخفيض الضرائب
- زيادة الإنفاق الحكومي
- التيسير الكمي
اشتداد مخاطر حدوث ركود اقتصادي عالمي في 2023 في ظل زيادات متزامنة لأسعار الفائدة
كشفت دراسة جديدة شاملة للبنك الدولي أن العالم قد يتجه نحو ركود اقتصادي في 2023 وسلسلة من الأزمات المالية في اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية ستُسبِّب لها ضررا دائما. وذلك مع قيام البنوك المركزية في أنحاء العالم بزيادات متزامنة لأسعار الفائدة لمكافحة التضخم.
وتشير الدراسة الجديدة إلى أن البنوك المركزية في أنحاء العالم قد أقدمت على رفع أسعار الفائدة هذا العام بدرجة من التزامن لم تُشهَد خلال العقود الخمسة الماضية، وهو اتجاه من المرجح أن يستمر في العام القادم.
ولكن المسار المتوقع حالياً لزيادة أسعار الفائدة والإجراءات الأخرى على صعيد السياسات قد لا تكفي للنزول بمعدلات التضخم العالمية إلى المستويات التي كانت سائدة قبل تفشِّي جائحة كورونا. ويتوقع المستثمرون قيام البنوك المركزية في العالم برفع أسعار الفائدة الأساسية إلى نحو 4% خلال عام 2023، وهي زيادة تربو على نقطتين مئويتين عن متوسط أسعار الفائدة في عام 2021.
ووجدت الدراسة أنه ما لم ينحسر تعطُّل سلاسل الإمدادات، وضغوط أسواق العمل. فإن تلك الزيادات لأسعار الفائدة قد تُفضي إلى ارتفاع معدل التضخم الأساسي على مستوى العالم (ماعدا الطاقة) في 2023 إلى نحو 5%. أي ما يعادل تقريبا ضعفي المتوسط في السنوات الخمس قبل الجائحة.
وفقاً للنموذج الذي اعتمدت عليه الدراسة، فإنه لخفض التضخم العالمي إلى المستويات المستهدفة، قد يتعيَّن على البنوك المركزية زيادة أسعار الفائدة نقطتين مئويتين إضافيتين. وإذا صاحبت هذه الإجراءات زيادة الضغوط في الأسواق المالية، فإن معدل نمو إجمالي الناتج المحلي العالمي سيتراجع إلى 0.5% في 2023. وهو انكماش قدره 0.4% من حيث متوسط نصيب الفرد من النمو يوافق التعريف الفني لركود عالمي.
مقولة ديفيد مالباس
وتعقيباً على الدراسة، قال رئيس مجموعة البنك الدولي ديفيد مالباس: “يشهد النمو الاقتصادي العالمي تراجعاً حاداً، ومن المرجح زيادة تباطؤ النشاط الاقتصادي مع انزلاق مزيد من البلدان في غمرة الركود. وما يثير قلقي البالغ هو احتمال أن تستمر هذه الاتجاهات. وما لها من تداعيات طويلة الأمد ذات آثار مُدمِّرة للشعوب في اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية.
ولتحقيق معدلات تضخم منخفضة، واستقرار العملات، وتسريع وتيرة النمو ينبغي لواضعي السياسات تحويل تركيزهم من تخفيض الاستهلاك إلى تعزيز الإنتاج. ويجب أن تسعى السياسات إلى توليد استثمارات إضافية، وتحسين الإنتاجية وتخصيص رأس المال، وهي عوامل ضرورية لتحقيق النمو والحد من الفقر.”
وخلصت الدراسة إلى أنه ينبغي للبنوك المركزية أن تواصل جهودها لاحتواء التضخم، وهو ما يمكن القيام به دون التسبُّب في ركود اقتصادي عالمي. ولكن ذلك سيتطلب إجراءات مُنسَّقة من طائفة متنوعة من جانب واضعي السياسات:
- إن البنوك المركزية يجب أن تعلن بوضوح عن قرارات السياسات مع الحفاظ على استقلاليتها. فقد يساعد هذا على تثبيت توقعات التضخم والحد من درجة التشديد المطلوب للسياسات النقدية. وفي الاقتصادات المتقدمة، يجب أن تضع البنوك المركزية في اعتبارها التداعيات غير المباشرة العابرة للحدود لتشديد السياسات النقدية. وفي اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية، يجب أن تعمل هذه البنوك على تقوية القواعد التنظيمية الاحترازية الكلية، وتكوين احتياطات من النقد الأجنبي.
- سيتعين على السلطات النقدية أن تدرس بعناية سحب الدعم الذي تتيحه السياسات مع الحفاظ على الاتساق مع أهداف السياسة النقدية. ومن المتوقع أن تصل نسبة البلدان التي تقوم بتشديد سياساتها المالية العام القادم إلى أعلى مستوى لها منذ أوائل التسعينيات. وقد يؤدي هذا إلى تضخيم آثار السياسة النقدية على النمو. ويجب أيضا على واضعي السياسات وضع خطط موثوق بها للمالية العامة في الأمد المتوسط، وتقديم مساعدات مُوجَّهة إلى الأسر الأشد احتياجاً والأولى بالرعاية.
وضع الساسيات في مكافحة التضخم؟
سيتعين على واضعي السياسات الاقتصادية الآخرين الانضمام إلى جهود مكافحة التضخم، لاسيما من خلال اتخاذ خطوات لتعزيز سلاسل الإمدادات العالمية. وتشمل هذه الجهود ما يلي:
- تخفيف القيود على سوق العمل. يجب أن تساعد تدابير السياسات على زيادة المشاركة في القوى العاملة وتقليص ضغوط الأسعار. ويمكن أن تسهم سياسات سوق العمل في تسهيل إعادة توزيع العمال المسرحين.
- تعزيز الإمدادات العالمية من السلع الأولية. ويمكن أن يقطع التنسيق العالمي شوطا كبيرا في زيادة الإمدادات من المواد الغذائية ومنتجات الطاقة. وفيما يتعلق بسلع الطاقة، يجب على واضعي السياسات تسريع التحول إلى مصادر الطاقة منخفضة الكربون واتخاذ تدابير للحد من استهلاك الطاقة.
- تقوية شبكات التجارة العالمية. يجب على واضعي السياسات العمل لتخفيف الاختناقات في سلاسل الإمدادات العالمية. وينبغي لهم مساندة نظام اقتصادي دولي قائم على القواعد، يتجنب خطر السياسات الحمائية والتفتت الذي قد يؤدي إلى مزيد من التعطيل لشبكات التجارة.
وفي النهايه الركود الاقتصادي ليس له تعريف محدد متفق عليه عالميا ولكن يجب وضع كل الاحتياطيات لمواجهته والخروج من ازمه الركود الاقتصادي بأقل الخسائر.