كان أول هبوط للإنسان على سطح القمر في 1969، ومنذ ذلك الوقت، انخفضت تكاليف إطلاق الرحلات الفضائية، وفتح هذا الباب أمام القطاع الخاص للدخول إلى عالم الفضاء، فالحكومات لم تعد الوحيدة القادرة على تحمل تكاليف تلك الرحلات، وأصبح الشركات الخاصة قادره على إطلاق الصواريخ، ووضع الأقمار الصناعية في الفضاء الخارجي، وفي مايو 2020 دخلت شركة سبيس إكس التاريخ كأول شركة خاصة ترسل بشراً إلى الفضاء، وكان هذا إنجازا تقنيا هائلا ، ومثل أول مؤشر على خطوات متسارعة في اتجاه نمو “اقتصاد الفضاء”.
اقتصاد الفضاء :
يعني مصطلح “اقتصاد الفضاء” هو كافة السلع والخدمات والتقنيات التي يجري إنتاجها لاستخدامها في الفضاء، مثل تعدين القمر أو الكويكبات بحثًا عن المعادن والمواد. بينما تعرفه منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بأنه أي نشاط اقتصادي يتضمن ”الاستكشاف، والبحث، والفهم، والإدارة، والاستخدامات في الفضاء”.
إزدهار اقتصاد الفضاء:
يشير تقرير صادر عن The Space Foundation لعام 2022 إلى أن اقتصاد الفضاء بلغت قيمته 469 مليار دولار في عام 2021 بارتفاع نسبته 9% عن العام السابق. مضيفاً أن أكثر من 1000 مركبة فضائية بلغت مداراتها في النصف الأول من عام 2022. بما يفوق ما تم إطلاقه في أول 52 عاماً من استكشاف الفضاء (1957 – 2009).
وكانت هناك زيادة في الاستثمارات الحكومية في مشاريع الفضاء حول العالم حيث ارتفع الإنفاق الحكومي على برامج الفضاء العسكرية والمدنية بنسبة 19%
أيضا رفعت الهند إنفاقها على مشروعات الفضاء بنسبة 36%، وزادت استثمارات الصين بنسبة 23%. بينما بلغت الزيادة في استثمارات الولايات المتحدة 18% في مشروعات الفضاء.
نفايات الفضاء (عيوب اقتصاد الفضاء)
بالطبع، هناك بعض المشكلات التي يعمل العالم على معالجتها فيما يتعلق بصناعة الفضاء. ومن بين ذلك أن هناك ما يقرب من 9000 طن من المعدات التي توجهت إلى الفضاء تسبب مشاكل.
وأعلنت وكالة الفضاء الأميركية (NASA) إن هناك أكثر من 100 مليون قطعة من الحطام الفضائي – بحجم مليمتر واحد أو أكبر – تدور حول الأرض.
يمكن أن يشمل هذا الحطام المركبات الفضائية غير العاملة، والمعدات المهجورة، والحطام المرتبط بمهام فضائية، المشكلة أن هذا الحطام يتحرك بسرعات تصل إلى 17500 ميل في الساعة (28160 كيلومترًا في الساعة)، ويمكن لقطعة صغيرة من الحطام أن تلحق الضرر بقمر الصناعي أو مركبة فضائية.
وترى الوكالة أن كوكب الأرض شهد في المتوسط سقوط قطعة واحدة من الحطام بشكل يومي على مدار الخمسة عقود الماضية. مع ذلك، فإن تلك القطع تسقط في المحيطات أو المناطق غير المأهولة بشكل أساسي. ولم يتم تأكيد أي إصابات خطيرة بين البشر أو أضرار جسيمة في الممتلكات.
مؤشر تنافسية الاعمال
على منوال مؤشر تنافسية الأعمال يتم سنويا منذ عام 2008 إصدار مؤشر التنافسية الفضائية الذي يصنف مقدار استثمار الدول المختلفة وكيفيته في عوائد اقتصاد الفضاء. يتضمن حالياً قائمة أكبر 15 دولة تستثمر في اقتصاد الفضاء.
ورغم استمرار احتلال الولايات المتحدة رأس قائمة الدول الأكثر استثماراً واستفادة من اقتصاد الفضاء. إلا أن الهوة بينها وبين الدول الأخرى الرائدة في هذا المجال تشهد تراجعا تدريجياً. كما يظهر مؤشر التنافسية الفضائية أن دول مثل الصين، واليابان، وروسيا، والهند، قد زادت من قدراتها التنافسية في هذا المجال بشكل كبير..
يشمل حاليا اقتصاد الفضاء أنشطة متنوعة، من أهمها إطلاق الأقمار الاصطناعية التي تعددت استخداماتها وتنوعت بشكل هائل، وأصبحت تشكل الجزء الأكبر من الاستغلال التجاري للفضاء، حيث يقدر أن حجم صناعة إطلاق الأقمار الاصطناعية والتي تندرج تحت قطاع (النقل الفضائي) يبلغ حاليا عدة مليارات من الدولارات.
مؤخرا، أصبح حجم وقيمة عمليات إطلاق الأقمار الاصطناعية الممولة من القطاع الخاص، تزيد عن مثيلتها الممولة من قبل الحكومات ووكالات الفضاء الوطنية.
ويأمل الكثيرون أن يتوسع نطاق قطاع النقل الفضائي ومداه ليشمل ما أصبح يعرف بـ “سياحة الفضاء”؛ هذا وإن كان من أكثر الاستغلالات التجارية المستقبلية والاستشرافية للفضاء،
هو المجال المعروف بتعدين الفضاء (Space Mining)، وبالتحديد تعدين الكويكبات والمذنبات. تهدف هذه العمليات إلى تعدين المعادن الثمينة والنفيسة، مثل: الذهب، والفضة، والإيريديوم، والبلاتينيوم، والتنجستن، وغيرها، ومن ثم جلبها إلى الأرض لاستخدامها في الأغراض الصناعية الموجهة لتلبية الاحتياجات البشرية المتزايدة.